شقران الرشيدي – سبق - الرياض: عندما سقطت "رهام" طفلة جازان المسكينة في دائرة فيروس الإيدز القاتل، تنصل "المهملون" من المسؤولية وتهربوا منها، وعندما تهاوت صحتها وسلبها "الفاسدون" أغلى ما تملك تباكوا عليها بدموع زائفة وشكّلوا اللجان، وأصدروا البيانات الهزيلة التي لن تعيد لها ابتسامتها وبراءتها التي اختطفوها منها عنوة؛ وهم يعرفون ضعف حيلتها، وفقر أسرتها المتواضعة في أحد أزقة جازان الشامخة.
لقد نقلوا لـ "رهام" دماً ملوثاً بالإيدز فجعلوها بقايا إنسان، وأضاعوا مستقبلها، وأرعبوا المجتمع من أخطاء الصحة، ومن دخول مرافقها المتهالكة.. ثم خرجوا بعد هذه "الجريمة" بوجوه بائسة، يطمئنونا كالعادة بأنهم أخذوا حق "رهام" بمجرد تشكيل لجنة تتابع الموضوع! وقالوا بكل "صفاقة" في بيانهم الصحفي: سنحاسب المقصر بأقصى العقوبات.
وهنا نتساءل: من هو المقصر يا سادة؟ هل هو الفني الذي ضخ الدم الملوث في أوردة الطفلة؟ أم هو المسؤول الذي لم يستطع صون الأمانة، وحفظ المسؤولية في الإدارة والمراقبة ومحاسبة البيروقراطيين وآكلي المال العام؟ أم يا ترى المقصر هو حظها العاثر الذي رماها فريسة بين أيدي الجشعين وعديمي الضمير؟ أم أن المقصر الحقيقي هم المواطنون بثقتهم الزائدة وصبرهم على هؤلاء الفاسدين الذين آمنوهم على حياتهم وحياة أطفالهم؟
إننا اليوم وأمام هذه الكارثة الصحية التي لوثت حياة طفلة جازان، وأثارت مخاوف المجتمع على صحته، وأمام مسلسل الرعب المتواصل في مستشفيات وزارة الصحة، نوجه سؤالنا إلى المسؤول الأول في الصحة: ماذا أنت فاعل يا وزير الصحة؟ كيف يمكن يا جراحنا الكبير أن "تفصل" بين توائم العبث بحياة المواطنين والفساد في وزارتك؟ وكيف ستنظف مستشفياتنا من هؤلاء "المرتزقة" من التنفيذيين ومسؤولي المصالح الخاصة؟ وكيف ستتعامل مع حالة طفلة جازان؟ وكيف ستعيد الثقة في مرافق وزارتك؟ وهل ستقفل مستشفى جازان العام كما فعلت مع مستشفى عرفان بجدة عندما تسبب في وفاة ابن رجل الأعمال عبداللطيف جميل، رحمه الله وصبّر ذويه على فقده؟ أم أن البيان الصحفي هو كل ما يساوي حياة الطفلة "رهام" لديك؟
إننا يا معالي الوزير نطالب بمحاكمة المقصر "كائناً من كان"، ومحاسبة كل متورط حتى لا تتكرر هذه الأخطاء القاتلة التي راح ضحيتها الأبرياء من أبناء وبنات الوطن على أيدي "ثلة" ممن ضيعوا الأمانة وخانوا المسؤولية وتقاعسوا عن خدمة المجتمع.
فما أنت فاعل يا معالي الوزير؟ نحن في انتظار ما ستفعل وما يلزم.. فحياة "رهام" لدينا ليست أرخص من حياة أبناء كبار المسؤولين ورجال الأعمال.
11
فهد كاملي- سبق- جازان: تسبب إهمال طاقم طبي بمستشفى جازان العام في نقل دم ملوث بالإيدز لطفلة، 12 عاماً، "رهام حكمي"، والتي تسكن بقرية مزهرة في منطقة جازان.
"سبق" قامت بجولة للقرية وزارت منزل عائلتها التي تقطن وسط أزقة ضيقة في منزل شعبي مكون من غرفتين بين سبعة إخوة جميعهم مصابون بالأنيميا المنجلية، وترتيبها الثاني بين إخوتها، ويعمل والدها حارساً لمدرسة البنات، كما تعمل والدتها "فرّاشة" في نفس المدرسة.
"سبق" التقت أحد أقاربها، الذي قال:"منذ أربعة أيام غيّرت دمها كالمعتاد بمستشفى جازان العام، ومن ثم عادت للمنزل، ولا يوجد عليها أي تأثير، فيما بدأت خلال الأربعة أيام التالية تتأثر ويظهر عليها التعب الشديد، ونظراً لظروف والدها الصعبة والحرجة لم يتمكن من نقلها للمستشفى".
أما عم الطفلة صديق حكمي فقال لـ "سبق" والحزن الشديد على ملامحه: "وصلني النبأ المحزن ظهر اليوم، ولم أصدقه أو أستوعبه لهذه اللحظة، فمنذ دقائق عادت والدتي من زيارة الطفلة في مستشفى الملك فهد المركزي، والتي أكدت تدهور حالتها النفسية"، مبيناً أن الطفلة تعاني منذ أن أبلغت بإصابتها بالمرض.
وطالب صديق الجهات المعنية بالتدخل الفوري والعاجل، وإيقاف المتسببين عن العمل، وتحويلهم للتحقيق، ومن ثم المحاكمة، مبيناً أنه لن يسكت ووالدها عن مطالبهم عن طريق الجهات القضائية.
أما "محمد صغير حكمي"، جار الطفلة، فقال: "خرجت من منزلي في الساعة 2 فجراً، وتفاجأت بوجود سيارة إسعاف وطاقم طبي متكامل، يظهر على ملامحهم القلق والخوف، وعند سؤالي للطاقم الطبي عن وجودهم في هذه الساعة، أكدوا أنهم طب منزلي يزورون عدداً من الحالات في القرية، وعند إلحاحي بالسؤال عليهم رد أحدهم قائلاً: هناك طفلة كانت منومة لدينا، ووالدها أخرجها من المستشفى على مسؤوليته الشخصية، ووجدنا أن هناك فحوصات تخصها لابد أن تستكملها على وجه السرعة".
وبين الحكمي أن "الطفلة خرجت من منزلها تمشي على قدميها، ولا يظهر عليها أي تأثر بالمرض، وإنما كانت متخوفة، وكان يرافقها خالها؛ لوجود والدها في عمله حيث يعمل حارساً لمدرسة القرية، وعند ملاحقتي للإسعاف تأكدت من تحويلها لمستشفى الملك فهد المركزي".
وأضاف الجار: "راودني الشك بأمر الطفلة، فأجريت الكثير من الاتصالات على معارفي بمستشفى الملك فهد المركزي، والذين أكدوا وجود استنفار كامل في المستشفى منذ الساعة الواحدة صباحاً بوجود كبار الأطباء والمسؤولين بصحة جازان، على رأسهم مدير عام الشؤون الصحية الدكتور حمد الأكشم".
وبين الحكمي أن أحد معارفه بمستشفى الملك فهد المركزي بين له قائلاً إن "هناك خطأ طبياً فظيعاً جداً، وهو نقل دم ملوث بمرض الإيدز".
وعلمت "سبق" أن أمير المنطقة، الأمير محمد بن ناصر، بحث القضية مع مدير عام الشؤون الصحية في اجتماع عاجل بمكتبه ظهر اليوم، ووجه بالتحقيق في القضية بشكل عاجل وسريع، وموافاته بكافة التفاصيل في حينها.
كما علمت "سبق" أن هناك لجنة وزارية شكلت من كبار المسؤولين بوزارة الصحة تصل يوم غد الخميس؛ للتحقيق العاجل والسريع في قضية الطفلة، ومحاسبة المتسببين.
فهد كاملي- سبق- جازان: اعتبر أعمام الطفلة رهام، ضحية نقل الدم الملوّث بالإيدز بمستشفى جازان، قضية ابنتهم قضية جنائية وبفعل فاعلٍ ومقصودة، وبيّنوا أن اتصال وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة بهم للاعتذار ونقل الطفلة للرياض لم يخفِّف من موقهم تجاه "الصحة"، مبينين أن رضاهم بسفر الطفلة للرياض إجباري؛ كونهم ليس بيدهم شيءٌ يفعلونه.
والتقت "سبق" عمِّيْ الطفلة رهام علي الحكمي في منزلهما بعد أن تلقيا اتصالاتٍ متوالية من وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة، وعددٍ من منسوبي الوزارة لتقديم الاعتذار، كما طالبا بأشد العقوبة لكل مَن تسبب في قتل براءة الطفلة.
وبين لـ "سبق" عم الطفلة صديق يحيى حكمي قائلاً: لا بد من محاسبة الشخص المتسبّب، لأنه لا أحد يرضى على ابنته أو أحدٍ من أقاربه أن يحدث معه ما حدث لابنتنا. وأكّد بقوله ولو كان أخي المتسبّب لطالبت بمحاسبته بأشد العقوبة دون رحمةٍ أو شفقة.. مبيناً أن الأمر ليس خطأ طبياً؛ بل إن الخطأ الطبي معروفٌ كإجراء عمليةٍ أو نسيان شيءٍ ما في أحشاء مريض.
وقال الحكمي معقولة إن بنك دم في مستشفى عام وحكومي ويخدم أبناء كافة المجتمع لا تُوجد فيه تحاليل للدم المتبرّع به للمرضى، مبيناً أن أسرته تعتبر الطفلة في عداد الأموات وهي مازالت عائشة، وقال ونحن متعوّدون على تهاون الأطباء والمسؤولين في وزارة الصحة فهذا شيء ليس بغريبٍ، ولكن الدولة وفّرت كل شيء من ميزانياتٍ للمستشفيات وأجهزة.
والتقت "سبق" عم الطفلة محمد يحيى ناصر حكمي المعلم في مدرسة تحفيظ القرآن، والذي قال: جاءني اتصالٌ من وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة يقدّم فيه اعتذاره لذوي الطفلة، ووعد بعقوبة كل متسبّب أياً كان سواءً كان حارساً بالمستشفى أو مدير الشؤون الصحية، ولكن اعتذاره لن نقبله جملةً وتفصيلاً، حتى يتم التحقيق في الموضوع ونعرف مَن هو المتسبّب وتنزل فيه العقوبة الصارمة، وتتم معالجة طفلتنا في أرقى وأحدث مستشفيات العالم.
أما عن توجيه وزير الصحة بشأن نقل الطفلة للرياض، فقال الحكمي: نحن على معرفةٍ بأننا لن نستفيد في الرياض ونطلب من خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - إرسال ابنتنا للخارج لتلقي علاجها بشكلٍ آمنٍ، مبيناً أن الموضوع جنائي بحت وبفعل فاعلٍ، وطالب بمحاسبة المتسبّب عاجلاً؛ لكي يكون عبرةً لمنسوبي الصحة كافةً، ولكل متهاونٍ في أداء عمله.
ادعو لها بالشفاء العاجل
يارب اشفي رهام حكمي ويقومها بالسلامه