اهليييييييييييييييييييييييييييييييييين
رااااح ابداء بدووون مقدماااااااااات
خلف حدود المكان كان يا ماكان في سالف العصر والأوآن بل هو حاضره قصة تروى ككل القصص منها ما حدث وعفا عليها الزمان ومنها لا يزال يمضغ ويلات الزمن ويلوك الحسرات قهرا ومنها ما يزال يتطلع لذلك الأفق الذي لا يعلم مستقره الا الله جل في علاه.
كانت هناك فتاة بريئة جميلة أسمها مروة ترسم من الخيال لوحات لها لكي تعيش فيها فحياتها كانت قاسية مريرة في أسرة متفككة الأواصر لم يمر فيها يوم بسلام كانت تجتاح بيتها الأسري العديد من العواصف والزوابع فلم ترى أباها وأمها يوما متصافيان كل ما تراه خصام وسب وشتم وربما تتطاير أحيانا بعض الأجسام الغريبة التي تتدخل لكي تنهي النقاش الحاد .
هكذا أستمرت حياتها الى أن بدأت تكبر وتصبح فتاة يانعة قد ارتسمت ملامحها وأصبحت أكثر فتنة , كانت لا تعير أي انتباه لأيا كان وكان هناك فتى يكبرها بعدة سنين نظراته تلاحقها وتترقب خروجها للمدرسة أو رجوعها منها فهي كانت حبيسة البيت في أسرة من أهم صفاتها قمع كل أنثى ومعاملتها كأنها في عصر الجاهلية , وفي أحد الأيام وبعد انفصال أمها وأبيها قرر أبيها أن يتزوج وأن تكون مروة أول الحاضرين يالله ذهبت لأمها تبكي فقالت لها أمها أذهبي بنيتي وأستمتعي فقالت أماه ماذا تقولين وكان عمر مروة وقتها خمسة عشر سنة وبالفعل ذهبت وهي منكسرة وسط النساء الحاضرات ووسط ضرب الدفوف التي تقرع بداء لكي تقام حرب هي أول ضحاياها كانت شاحبة اللون قد حبست دموعها وجاملت الحاضرين وعند اقتراب وصول عروس أبيها أخبرتها عمتها بأن تقف وتستقبلها وتسلم عليها كان باب البيت بعيدا وهي واقفة بقرب غرفة العروس التي تكون مقابل باب البيت الكبير أنقسم الحضور صفين عن اليمين وعن الشمال يترقبون للحظة وصول العروس لأبنة عريسها ويترقبون الموقف مروة أخذت ترتجف وتسيل دموعها هذه عروس أبي التي ستأخذ مكان امي يال الهول لماذا وكيف انا هنا كيف أخذت تقول في سرها لماذا بعثتني يا أمي وعندما وصلت العروس لمروة أنهارت وبكت ولم تستطع ان تنطق حرفا فهربت للدار الآخرى باكية تواسيها بعض النساء وتهون عليها مصابها ودموعهن على خدهن , مروة لم تأكل شيئا ذلك اليوم الى صباح اليوم التالي نقلت على أثرها للمشفى أثر هبوط حاد في الدم كان نتيجة انهيار عصبي وعدم تذوقها شيء كأنما تريد الموت .
مرت الأيام وتقبلت الوضع الجديد رغم المرارة وهي عند أمها ذات يوم فأخذت توبخها وتقول لها يجب أن تعملي وتفعلي لكي تخربي بيت أبوك كما خرب بيتي وصرخت عليها لكي تقفل باب البيت الذي فتح على مصراعيه بسبب ريح عاتية كان صوت الأم اعلى منها ولم يكن مقفلا بسبب أخيها الذي أخذته رفقة السوء ولم يعد يعر اهتماما لشيء ذهبت مروة والدموع تنساب على خديها الورديتين وشعرها المنسدل الى منتصف ظهرها يتطاير كالحرير وكان الفتى ينظر اليها كأنه ينتظر امام ذلك الباب لم تطرف عيناه وهي كانت في عالمها المرير وأقفلت الباب بكل قوة وزاد غضبها وجوده ونضراته وهي لم تعرف أنه يميل لها بعد ذلك وأثناء ذهابها الى المدرسة وهي تتطلع لطريقها الذي كان مسودا بسبب معاناتها رمقته وكان ينظر اليها فألتقت نظراتهما هو ينظر اليها بأمل المحبين وهي تنظر اليه بدهشة ألم يكن هذا هو نفس الشخص الذي كان واقفا بالأمس أمام بيتي كأن على رأسه الطير وبمرور الأيام أخذت تجده هنا وهناك امام البيت امام المدرسة يلبس أحلى الثياب ويتهندم مالت اليه مروه ومع مرور الأيام أحبته فقد أرغمها على حبه بنظراته وصمته المطبق فكانت عيناه هي من تتكلم وشعرت بأنه هو أملها وخلاصها مما كانت تعانيه والمفارقة أنها كانت عندما تصعد الى سطح ذلك البيت البسيط الذي تعيشه مع أمها واخيها والذي يتكون من دور ارضي فقط تصعد لكي تدرس أو تلعب قليلا مع أخيها الذي يصغرها سنا تجد شخصا يراقبها من بعيد على أحد الأسطح ولا تكاد تتبين ملامحه وأيضا يتحجج بالدراسة او اللعب أو العمل الدؤوب وكانت دوما تراه ولا تعير له أي اهتمام الى ان عرفت أنه هو نفسه الذي تراه في كل مكان تذهب اليه أحبته كثيرا أخذت تحلم به ليل نهار وتختلج صدرها مشاعر لم تعرفها من قبل كانت أعينهما تلتقي في الطريق لثواني كأنما أختزلت تلك الثواني حياة بأكملها كانت عيناه حادتان كثيفتا الرموش أما عينيها فكانتا السحر ذاته مع كم البراءة التي تحملهما وفجاءة ودون سابق انذار صدر حكم القدر بتزويجها من شخص يكبرها بالكثير من السنين جن جنونها تريد القول لأبيها ( أرجوك لا أريد الزواج فلا زلت صغيرة ) وهي وقتها كانت أبنة الثمانية عشر سنة فأمسكت بها زوجة أبيها وقالت أحذرك من قول ذلك لأبيك فهذا وعدا قد قطعه أباك على نفسه لصديق عمره بان تكون أحدى بناته من نصيب أحد اولاد صديقه ولم يبقى سواك وأختك الكبيرة قد تزوجت وذهبت بعيدا وبقيت أنت صدمت مروة بذلك الكلام واصبحت ضحية أباها ذهبت لأمها لكي تستنجد بها وقبل أن تنطق مروة بكلمة قالت أمها سوف أعمل وافعل وأقوم برفع قضية على أباك الذي يريد ان يزوجك من أبن صديقه فصدمت مروة من أمها التي زادت الطين بله وما تريد القيام به هي نكاية بالأب وليس خوفا على مروة وقالت لا يا أمي أنا موافقة وراضية وقد أصبحت مروة ضحية الأثنين معا وهي تتمزق من الداخل وبعد ساعات وقعت صريعة الفراش لأيام وليالي لا يعلم علتها الا الله وصديقتها المقربة التي كانت تشتكي أحداهما للأخرى والتي لم تكن بأحسن منها حالا خضعت تلك الفتاة لحكم الأعدام وانساقت كأضحية العيد لكي تذبح فشدت الرحال وأرتحلت لكي تسافر بعيدا لبيت زوجها المستقبلي والتي لا تعرف عنه شيئا سوى أنه أبن صديق أباها المقرب وعندما خرجت وهي تبكي مودعة امها واخيها الصغير وبعض من الأقارب في صباحا باكرا ممطرا قارص البرودةوجدت طيفا بقرب عمود الكهرباء يلبس نظارات سوداء متشح بالسواد الذي زانه شدة بياض بشرته فعرفته أنه محمد حبيب مروة أتى ذلك الحبيب الذي عشقته يودعها ويشيعها لمثواها الأخير فازداد بكائها واختلطت الدموع بقطرات المطر المنهمرة ونفسه ما كان يحصل لمحمد فقد كان يبكي بصمت ويتمنى أن يصقع ويلتصق بعمود الكهرباء لكي يرتاح من تلك العذابات ووقت قد تجمدت فيه الأوصال والأطراف والأمال ركبت مروة في تلك السيارة التي أصبحت كنعش الموتى والذي يبعد رويدا رويدا عن طيف حبيبها الذي لم تكلمه يوما ولم يكلمها فقط كانت نظرات كانت تحمل أحيانا كلمات واحيانا أحرف واحيانا عشق وهوس واحيانا صمت مطبق وعبرات .
ذهبت تلك المسكينة لكي تجد مجتمع يختلف كليا عن مجتمع أهلها والبيئة التي كانت تعيش فيها لبست ثوب عرسها كفنها المؤقت الذي تطاير مع الريح هو ومشاعرها التي استباحت بين ليلة وضحاها من شخص ذهل من جمالها وصغر سنها بالنسبة له وذلك القد الممشوق مسكينة هي تشعر بأنها تذبح بسكين باردة واكتشفت بمرور الأيام ان ذلك الزوج كان زير نساء ولكن عندما تزوجها زهد بكل النساء فلم يرى بحسنها أو كمالها بالنسبة لغيرها واكتشفت أيضا أنه يشرب الخمر والدخان ولديه الكثير من أصدقاء السوء ويال خيبة أملها أرادت الخروج من جحيم أهلها فوقعت في جحيم أشد قساوة تحملت وصبرت وحاولت بشتى الطرق ان تجعله يكف عن تلك المنكرات فأخذت سجائرة ذات يوم وخبئتها بعيدا عنه وهو قد شارف على اكمال سيجارته الأولى وقد كان من عادته أن يوقد سيجارة باخرى قبل ان يرمي عقبها فبحث فلم يجد فأخذ يسألها وهي تنكر وهو يعلم أنها هي من أخذتها فأشتد به الغضب فأمسك يدها بقوة وأطفاء عقب سيجارته في يدها وهي تصرخ من شدة الألم ثم تركها بعد أن تأكد من أنها أنطفأت ومعها أنطفأت أمال مروة واحلامها بأن تجد عيشا رغيدا أو ترتاح في حياة كهذه أبتعدت واخذها بعض الرعب منه وأخذت تصحبها حالة من الرعشة والتلعثم عندما يقترب منها ندم زوجها كثيرا وترك التدخين على اثرها ففرحت بأنجازها وبعد خمس سنوات من زواجهما جعلته يترك المنكر بعد ان أذاقها ويلات وويلات منه وهي لا تكف عن محاولاتها مرة باليسر ومرة بالعسر ومرة بعدم اللامبالاة الى أن فاض بها عندما امسكته وهو يتسلل خلسة ومعه قارورة من الشراب وهي قد حذرته من أن يشرب داخل البيت لكي لا يرى ذلك أبنهما الصغير فأمسكت بالكأس قبل أن يصل لشفتيه وقالت أرجوك أتركه لأجل أبننا فقال أرجوك هذه أخر مرة وكان كل مرة يقول أخر مرة ويعود لما نهي عنه فقالت لا والله لن أدعك لا والف لا وهي كانت مطبقة على الكأس بيدها وتضغط عليه بقوة وهو يشده منها الى أن أنكسر ودخلت شظايه في يدها التي أخذت تسيل دم مع ذلك الشراب المسموم ذهل زوجها مما رأى نقلها على اثرها للمشفى وقد تقطعت بعض من اوردة أصابعها التي كانت مهددة بالبتر لولا رحمة الله ولطفه بها وأخذ زوجها يبكي ويقبل يدها التي تمزقت أحشائها بسببه ويحلف لها توبة نصوح لن أكررها وقد كانت بالفعل تلك أخر مرة .
عاشت حياتها مع زوجها الذي كان لا يهتم بها ولا بمشاعرها ولكنها آثرت سعادة أبنهما الذي أسمته محمد توالت الأيام والسنين وكبر محمد وبلغ سن الثلاثين وقد توفي زوجها أثر مرض عضال أرقده الأشهر الأخيرة من حياته في الفراش فكانت له الزوجة والممرضة والأم بكته كثيرا بعد رحيله وكانت وفيه له في حياته وبعد مماته الى أن جاء ذلك اليوم الذي أحب فيه محمد فتاة تدعى مروة ففرحت أمه وقالت في قلبها وأخيرا سوف تكون مروة من نصيب محمد أخذ محمد أمه وذهبا لتلك العائلة لغرض الخطبة واذا بالمفاجاءة يدق الباب فيفتح الباب رجل كبير السن قد أبيض شعر رأسه ويال الصدمة هو بعينه هذه عيناه الحادتان نظراته التي أنكسرت قليلا من اهوال الايام كأن بمروة رجعت عشرات السنين وتذكرت ذلك الفتى الذي لطالما يخاطبها بنظراته هو ذلك الحبيب الذي أحبته بصمت نعم هو وقد أطبق الصمت على المكان قاطعه صوت الفتى محمد يقول عمي هذه أمي فسلما على بعض وكانت هذه أول مرة يسمع صوتها وكانت مشاعر واسئلة عدة تكتنف صدرهما كيف ؟؟ ولماذا؟ وهل ويجوز الى ان أخذ الفتى محمد يحرك امه ويهمس لها أمي تقدمي بالخطبة وهي ها ها نعم لا يزال أثر الصدمة محيط بها تكلمت وهي تتلعثم كانما تتعلم الكلام حديثا وأبنها مندهش فالمعروف عن أمه انها أمراءة متكلمة ومتحدثة يشار لها بالبنان وفي نهاية المطاف تمت الخطبة على خير وعندما عاد محمد سأل أمه ما بالك يا أماه فأخبرته بكل شيء وخصوصا أنهما كانا كصديقين وبالمثل كان محمد الأب يخبر أبنته مروة بتلك القصة وما كان من مروة الا ان دمعت عيناها وقررت ان تكافيء ابيها الذي صبر بعد وفاة أمها وهي تلدها لكي يربيها أحسن تربية ويعلمها ذهبت لخطيبها وقالت له زواج أبي من امك هو مهري فأبتسم محمد وقد كان ذلك مطلبه في قرارة نفسه ولكنه قال هو ذلك لأجل عينيك فقط يا مروة ولكنه أمر صعب بالنسبة لي وبالفعل بعد عدة محاولات تم الأمر وبعد مضي أكثرثلاثين سنة تزوج محمد من مروة وفي تلك الليلة الموعودة أمسك محمد يدي مروة فقالت له دعني هذه الليلة أعيش في نظرة عينيك التي أفتقدتها منذ قرون ودعني أرقد وأغمض عيني عليها فقط دع لي هذه الليلة ولك في الغد ما تشاء وبالفعل كان لها ذلك أحدهما يتامل الآخر بكل الحب والمودة الى أن ذهب محمد في نوم عميق وصحى في الصباح الباكر حيث كانت السماء مابدة بالغيوم والأمطار تقرع الشبابيك قرعا والعجيب انه وجدها لا زالت تحدق به ولكن يعلو وجهها الشحوب وأبتسامة باهتة فكلمها حبيبتي وقرة عيني وهي لا تحرك ساكنا أمسك يدها فوجدها كقطعة ثلج حركها فوجدها قد فارقت الحياة وهي تنظر اليه أخذ يصرخ ويبكي وعندما كان يحركها سمع صوت شيء ماء تحت وسادتها فأذا بها وريقة قد كتب عليها (( حبيبي محمد كنت أشعر بأن لحظتي قد حانت فكتبت لك هذه الكلمات لقد كنت وفية لزوجي طيلة حياتي وسوف أبقى وفية له كنت له في الدنيا أما أنت فسوف أكون لك في دار الآخرة دار الخلد وسوف أرحل ها هنا من بين عينيك وحبك الطاهر العفيف الذي كان يسكن احد جوانب قلبي ولم يفارقه يوما وداعا حبيبي في دنيا فانية وأنتظر اللقاء هناك حيث دار المقام والعدالة وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )) رحلت مروة ولم تترك الا الحب والوفاء والذكرى الطيبة العطرة لكل من عرفها .
رااااح ابداء بدووون مقدماااااااااات
خلف حدود المكان كان يا ماكان في سالف العصر والأوآن بل هو حاضره قصة تروى ككل القصص منها ما حدث وعفا عليها الزمان ومنها لا يزال يمضغ ويلات الزمن ويلوك الحسرات قهرا ومنها ما يزال يتطلع لذلك الأفق الذي لا يعلم مستقره الا الله جل في علاه.
كانت هناك فتاة بريئة جميلة أسمها مروة ترسم من الخيال لوحات لها لكي تعيش فيها فحياتها كانت قاسية مريرة في أسرة متفككة الأواصر لم يمر فيها يوم بسلام كانت تجتاح بيتها الأسري العديد من العواصف والزوابع فلم ترى أباها وأمها يوما متصافيان كل ما تراه خصام وسب وشتم وربما تتطاير أحيانا بعض الأجسام الغريبة التي تتدخل لكي تنهي النقاش الحاد .
هكذا أستمرت حياتها الى أن بدأت تكبر وتصبح فتاة يانعة قد ارتسمت ملامحها وأصبحت أكثر فتنة , كانت لا تعير أي انتباه لأيا كان وكان هناك فتى يكبرها بعدة سنين نظراته تلاحقها وتترقب خروجها للمدرسة أو رجوعها منها فهي كانت حبيسة البيت في أسرة من أهم صفاتها قمع كل أنثى ومعاملتها كأنها في عصر الجاهلية , وفي أحد الأيام وبعد انفصال أمها وأبيها قرر أبيها أن يتزوج وأن تكون مروة أول الحاضرين يالله ذهبت لأمها تبكي فقالت لها أمها أذهبي بنيتي وأستمتعي فقالت أماه ماذا تقولين وكان عمر مروة وقتها خمسة عشر سنة وبالفعل ذهبت وهي منكسرة وسط النساء الحاضرات ووسط ضرب الدفوف التي تقرع بداء لكي تقام حرب هي أول ضحاياها كانت شاحبة اللون قد حبست دموعها وجاملت الحاضرين وعند اقتراب وصول عروس أبيها أخبرتها عمتها بأن تقف وتستقبلها وتسلم عليها كان باب البيت بعيدا وهي واقفة بقرب غرفة العروس التي تكون مقابل باب البيت الكبير أنقسم الحضور صفين عن اليمين وعن الشمال يترقبون للحظة وصول العروس لأبنة عريسها ويترقبون الموقف مروة أخذت ترتجف وتسيل دموعها هذه عروس أبي التي ستأخذ مكان امي يال الهول لماذا وكيف انا هنا كيف أخذت تقول في سرها لماذا بعثتني يا أمي وعندما وصلت العروس لمروة أنهارت وبكت ولم تستطع ان تنطق حرفا فهربت للدار الآخرى باكية تواسيها بعض النساء وتهون عليها مصابها ودموعهن على خدهن , مروة لم تأكل شيئا ذلك اليوم الى صباح اليوم التالي نقلت على أثرها للمشفى أثر هبوط حاد في الدم كان نتيجة انهيار عصبي وعدم تذوقها شيء كأنما تريد الموت .
مرت الأيام وتقبلت الوضع الجديد رغم المرارة وهي عند أمها ذات يوم فأخذت توبخها وتقول لها يجب أن تعملي وتفعلي لكي تخربي بيت أبوك كما خرب بيتي وصرخت عليها لكي تقفل باب البيت الذي فتح على مصراعيه بسبب ريح عاتية كان صوت الأم اعلى منها ولم يكن مقفلا بسبب أخيها الذي أخذته رفقة السوء ولم يعد يعر اهتماما لشيء ذهبت مروة والدموع تنساب على خديها الورديتين وشعرها المنسدل الى منتصف ظهرها يتطاير كالحرير وكان الفتى ينظر اليها كأنه ينتظر امام ذلك الباب لم تطرف عيناه وهي كانت في عالمها المرير وأقفلت الباب بكل قوة وزاد غضبها وجوده ونضراته وهي لم تعرف أنه يميل لها بعد ذلك وأثناء ذهابها الى المدرسة وهي تتطلع لطريقها الذي كان مسودا بسبب معاناتها رمقته وكان ينظر اليها فألتقت نظراتهما هو ينظر اليها بأمل المحبين وهي تنظر اليه بدهشة ألم يكن هذا هو نفس الشخص الذي كان واقفا بالأمس أمام بيتي كأن على رأسه الطير وبمرور الأيام أخذت تجده هنا وهناك امام البيت امام المدرسة يلبس أحلى الثياب ويتهندم مالت اليه مروه ومع مرور الأيام أحبته فقد أرغمها على حبه بنظراته وصمته المطبق فكانت عيناه هي من تتكلم وشعرت بأنه هو أملها وخلاصها مما كانت تعانيه والمفارقة أنها كانت عندما تصعد الى سطح ذلك البيت البسيط الذي تعيشه مع أمها واخيها والذي يتكون من دور ارضي فقط تصعد لكي تدرس أو تلعب قليلا مع أخيها الذي يصغرها سنا تجد شخصا يراقبها من بعيد على أحد الأسطح ولا تكاد تتبين ملامحه وأيضا يتحجج بالدراسة او اللعب أو العمل الدؤوب وكانت دوما تراه ولا تعير له أي اهتمام الى ان عرفت أنه هو نفسه الذي تراه في كل مكان تذهب اليه أحبته كثيرا أخذت تحلم به ليل نهار وتختلج صدرها مشاعر لم تعرفها من قبل كانت أعينهما تلتقي في الطريق لثواني كأنما أختزلت تلك الثواني حياة بأكملها كانت عيناه حادتان كثيفتا الرموش أما عينيها فكانتا السحر ذاته مع كم البراءة التي تحملهما وفجاءة ودون سابق انذار صدر حكم القدر بتزويجها من شخص يكبرها بالكثير من السنين جن جنونها تريد القول لأبيها ( أرجوك لا أريد الزواج فلا زلت صغيرة ) وهي وقتها كانت أبنة الثمانية عشر سنة فأمسكت بها زوجة أبيها وقالت أحذرك من قول ذلك لأبيك فهذا وعدا قد قطعه أباك على نفسه لصديق عمره بان تكون أحدى بناته من نصيب أحد اولاد صديقه ولم يبقى سواك وأختك الكبيرة قد تزوجت وذهبت بعيدا وبقيت أنت صدمت مروة بذلك الكلام واصبحت ضحية أباها ذهبت لأمها لكي تستنجد بها وقبل أن تنطق مروة بكلمة قالت أمها سوف أعمل وافعل وأقوم برفع قضية على أباك الذي يريد ان يزوجك من أبن صديقه فصدمت مروة من أمها التي زادت الطين بله وما تريد القيام به هي نكاية بالأب وليس خوفا على مروة وقالت لا يا أمي أنا موافقة وراضية وقد أصبحت مروة ضحية الأثنين معا وهي تتمزق من الداخل وبعد ساعات وقعت صريعة الفراش لأيام وليالي لا يعلم علتها الا الله وصديقتها المقربة التي كانت تشتكي أحداهما للأخرى والتي لم تكن بأحسن منها حالا خضعت تلك الفتاة لحكم الأعدام وانساقت كأضحية العيد لكي تذبح فشدت الرحال وأرتحلت لكي تسافر بعيدا لبيت زوجها المستقبلي والتي لا تعرف عنه شيئا سوى أنه أبن صديق أباها المقرب وعندما خرجت وهي تبكي مودعة امها واخيها الصغير وبعض من الأقارب في صباحا باكرا ممطرا قارص البرودةوجدت طيفا بقرب عمود الكهرباء يلبس نظارات سوداء متشح بالسواد الذي زانه شدة بياض بشرته فعرفته أنه محمد حبيب مروة أتى ذلك الحبيب الذي عشقته يودعها ويشيعها لمثواها الأخير فازداد بكائها واختلطت الدموع بقطرات المطر المنهمرة ونفسه ما كان يحصل لمحمد فقد كان يبكي بصمت ويتمنى أن يصقع ويلتصق بعمود الكهرباء لكي يرتاح من تلك العذابات ووقت قد تجمدت فيه الأوصال والأطراف والأمال ركبت مروة في تلك السيارة التي أصبحت كنعش الموتى والذي يبعد رويدا رويدا عن طيف حبيبها الذي لم تكلمه يوما ولم يكلمها فقط كانت نظرات كانت تحمل أحيانا كلمات واحيانا أحرف واحيانا عشق وهوس واحيانا صمت مطبق وعبرات .
ذهبت تلك المسكينة لكي تجد مجتمع يختلف كليا عن مجتمع أهلها والبيئة التي كانت تعيش فيها لبست ثوب عرسها كفنها المؤقت الذي تطاير مع الريح هو ومشاعرها التي استباحت بين ليلة وضحاها من شخص ذهل من جمالها وصغر سنها بالنسبة له وذلك القد الممشوق مسكينة هي تشعر بأنها تذبح بسكين باردة واكتشفت بمرور الأيام ان ذلك الزوج كان زير نساء ولكن عندما تزوجها زهد بكل النساء فلم يرى بحسنها أو كمالها بالنسبة لغيرها واكتشفت أيضا أنه يشرب الخمر والدخان ولديه الكثير من أصدقاء السوء ويال خيبة أملها أرادت الخروج من جحيم أهلها فوقعت في جحيم أشد قساوة تحملت وصبرت وحاولت بشتى الطرق ان تجعله يكف عن تلك المنكرات فأخذت سجائرة ذات يوم وخبئتها بعيدا عنه وهو قد شارف على اكمال سيجارته الأولى وقد كان من عادته أن يوقد سيجارة باخرى قبل ان يرمي عقبها فبحث فلم يجد فأخذ يسألها وهي تنكر وهو يعلم أنها هي من أخذتها فأشتد به الغضب فأمسك يدها بقوة وأطفاء عقب سيجارته في يدها وهي تصرخ من شدة الألم ثم تركها بعد أن تأكد من أنها أنطفأت ومعها أنطفأت أمال مروة واحلامها بأن تجد عيشا رغيدا أو ترتاح في حياة كهذه أبتعدت واخذها بعض الرعب منه وأخذت تصحبها حالة من الرعشة والتلعثم عندما يقترب منها ندم زوجها كثيرا وترك التدخين على اثرها ففرحت بأنجازها وبعد خمس سنوات من زواجهما جعلته يترك المنكر بعد ان أذاقها ويلات وويلات منه وهي لا تكف عن محاولاتها مرة باليسر ومرة بالعسر ومرة بعدم اللامبالاة الى أن فاض بها عندما امسكته وهو يتسلل خلسة ومعه قارورة من الشراب وهي قد حذرته من أن يشرب داخل البيت لكي لا يرى ذلك أبنهما الصغير فأمسكت بالكأس قبل أن يصل لشفتيه وقالت أرجوك أتركه لأجل أبننا فقال أرجوك هذه أخر مرة وكان كل مرة يقول أخر مرة ويعود لما نهي عنه فقالت لا والله لن أدعك لا والف لا وهي كانت مطبقة على الكأس بيدها وتضغط عليه بقوة وهو يشده منها الى أن أنكسر ودخلت شظايه في يدها التي أخذت تسيل دم مع ذلك الشراب المسموم ذهل زوجها مما رأى نقلها على اثرها للمشفى وقد تقطعت بعض من اوردة أصابعها التي كانت مهددة بالبتر لولا رحمة الله ولطفه بها وأخذ زوجها يبكي ويقبل يدها التي تمزقت أحشائها بسببه ويحلف لها توبة نصوح لن أكررها وقد كانت بالفعل تلك أخر مرة .
عاشت حياتها مع زوجها الذي كان لا يهتم بها ولا بمشاعرها ولكنها آثرت سعادة أبنهما الذي أسمته محمد توالت الأيام والسنين وكبر محمد وبلغ سن الثلاثين وقد توفي زوجها أثر مرض عضال أرقده الأشهر الأخيرة من حياته في الفراش فكانت له الزوجة والممرضة والأم بكته كثيرا بعد رحيله وكانت وفيه له في حياته وبعد مماته الى أن جاء ذلك اليوم الذي أحب فيه محمد فتاة تدعى مروة ففرحت أمه وقالت في قلبها وأخيرا سوف تكون مروة من نصيب محمد أخذ محمد أمه وذهبا لتلك العائلة لغرض الخطبة واذا بالمفاجاءة يدق الباب فيفتح الباب رجل كبير السن قد أبيض شعر رأسه ويال الصدمة هو بعينه هذه عيناه الحادتان نظراته التي أنكسرت قليلا من اهوال الايام كأن بمروة رجعت عشرات السنين وتذكرت ذلك الفتى الذي لطالما يخاطبها بنظراته هو ذلك الحبيب الذي أحبته بصمت نعم هو وقد أطبق الصمت على المكان قاطعه صوت الفتى محمد يقول عمي هذه أمي فسلما على بعض وكانت هذه أول مرة يسمع صوتها وكانت مشاعر واسئلة عدة تكتنف صدرهما كيف ؟؟ ولماذا؟ وهل ويجوز الى ان أخذ الفتى محمد يحرك امه ويهمس لها أمي تقدمي بالخطبة وهي ها ها نعم لا يزال أثر الصدمة محيط بها تكلمت وهي تتلعثم كانما تتعلم الكلام حديثا وأبنها مندهش فالمعروف عن أمه انها أمراءة متكلمة ومتحدثة يشار لها بالبنان وفي نهاية المطاف تمت الخطبة على خير وعندما عاد محمد سأل أمه ما بالك يا أماه فأخبرته بكل شيء وخصوصا أنهما كانا كصديقين وبالمثل كان محمد الأب يخبر أبنته مروة بتلك القصة وما كان من مروة الا ان دمعت عيناها وقررت ان تكافيء ابيها الذي صبر بعد وفاة أمها وهي تلدها لكي يربيها أحسن تربية ويعلمها ذهبت لخطيبها وقالت له زواج أبي من امك هو مهري فأبتسم محمد وقد كان ذلك مطلبه في قرارة نفسه ولكنه قال هو ذلك لأجل عينيك فقط يا مروة ولكنه أمر صعب بالنسبة لي وبالفعل بعد عدة محاولات تم الأمر وبعد مضي أكثرثلاثين سنة تزوج محمد من مروة وفي تلك الليلة الموعودة أمسك محمد يدي مروة فقالت له دعني هذه الليلة أعيش في نظرة عينيك التي أفتقدتها منذ قرون ودعني أرقد وأغمض عيني عليها فقط دع لي هذه الليلة ولك في الغد ما تشاء وبالفعل كان لها ذلك أحدهما يتامل الآخر بكل الحب والمودة الى أن ذهب محمد في نوم عميق وصحى في الصباح الباكر حيث كانت السماء مابدة بالغيوم والأمطار تقرع الشبابيك قرعا والعجيب انه وجدها لا زالت تحدق به ولكن يعلو وجهها الشحوب وأبتسامة باهتة فكلمها حبيبتي وقرة عيني وهي لا تحرك ساكنا أمسك يدها فوجدها كقطعة ثلج حركها فوجدها قد فارقت الحياة وهي تنظر اليه أخذ يصرخ ويبكي وعندما كان يحركها سمع صوت شيء ماء تحت وسادتها فأذا بها وريقة قد كتب عليها (( حبيبي محمد كنت أشعر بأن لحظتي قد حانت فكتبت لك هذه الكلمات لقد كنت وفية لزوجي طيلة حياتي وسوف أبقى وفية له كنت له في الدنيا أما أنت فسوف أكون لك في دار الآخرة دار الخلد وسوف أرحل ها هنا من بين عينيك وحبك الطاهر العفيف الذي كان يسكن احد جوانب قلبي ولم يفارقه يوما وداعا حبيبي في دنيا فانية وأنتظر اللقاء هناك حيث دار المقام والعدالة وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )) رحلت مروة ولم تترك الا الحب والوفاء والذكرى الطيبة العطرة لكل من عرفها .