اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ (31) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35) إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)
التفســـــيـــــــر :-
{الَّذِينَ كَفَرُوا}: أي جحدوا وجود الله -عز و جل-
{وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: أعرضوا عن الإسلام، أو صرفوا غيرهم عن الدخول فيه
{أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)}: أبطل الله كيدهم
{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: هم الذين صدّقوا بوجود الله وعملوا بطاعته، واتبعوا أمره ونهيه
{وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}: أي صدّقوا بالقرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم
{وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ}: وهو الدين الحق الباقي على مرّ العصور
{كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}: التكفير: الستر والتغطية، والمقصود: محا الله ما عملوا من السيئات
{وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)}: أي أصلح حالهم وأمورهم بالتأييد والتوفيق
{ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ}: اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ: أي الشيطان، فأطاعوه
{وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ}: الحق الذي جاء به محمّد صلى الله عليه وسلم من ربهم
{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3)}: أي كذلك يبين الله للناس أحوال الفريقين: المؤمنين، والكافرين
{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}: فَضَرْبَ الرِّقَابِ: قاتلوهم بضرب رقابهم ليكون الموت أسرع لهم
{حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ}: أضعفتموهم وأوهنتموهم بالجراح
{فَشُدُّوا الْوَثَاقَ}: فأسروهم وشدّوا ربطهم بالحبل وغيره
{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ}: فَإِمَّا مَنًّا: فإما أن تطلقوا الأسرى بغير فدية
{وَإِمَّا فِدَاءً}: وإما إطلاق سراحهم في مقابل مال أو نحوه
{حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}: َ أَوْزَارَهَا: آلاتها وأثقالها من السلاح وغيره، والمقصود: يضع المحاربون أسلحتهم، وتنقضي الحرب
{ذَلِكَ}: أي هذا ما أمركم به من الجهاد
{وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ}: ولو شاء الله لأهلك الكافرين وانتقم منهم بدون قتالكم لهم أيها المؤمنون
{وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}: لِيَبْلُوَ : ليختبر
{وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}: فِي سَبِيلِ اللَّهِ: دفاعاً عن دين الله
{فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)}: فلن يضيع ثواب أعمالهم
{سَيَهْدِيهِمْ}: إلى الجنّة
{وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5)}: يصلح حالهم بالمغفرة والعفو عن سيئاتهم
{وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)}: عَرَّفَهَا لَهُمْ: أي عرّفهم منازلهم فيها فلا يستدلون عليها ولا يخطئونها، وقيل: بمعنى طيّبها لهم لأن العرف هو الرائحة الزكيّة
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ}: نصرة الله بنصرة دينه، فهو القوي الغني عن العالمين
{وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)}: أي النصر والمعونة في موطن الحرب، والمراد بالأقدام: المحاربون أنفسهم وعبر بذلك لأن الثبات والضعف يظهران فيها
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ}: تَعْسًا: هلاكاً، أو شرّاً، أو خيبةً
{وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8)}: أي جعل الله أعمالهم على غير هدى ولا رشاد ولا فائدة
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}: هو القرآن الذي يحتوي على التوحيد والشرائع والأحكام التي تخالف ما ألف الكفار من عقائد وتقاليد
{فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)}: أي أبطل الله ثواب أعمالهم فلم تحقق ثمرتها المرجوة
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}: دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ: أطبق الهلاك عليهم
{وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10)}: أي وللكافرين من قريش المكذبين رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم لهم من العذاب العاجل أمثال ما حصل للأمم السابقة الذين كذّبوا رسل الله تعالى
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ (11)}: مَوْلَى: ناصر ومعين
{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ}: يَتَمَتَّعُونَ: ينتفعون بمتاع الحياة الدنيا
{وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)}: مَثْوًى: مسكن، ومأوى
{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ}: كثير من القرى
{هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ}: قَرْيَتِكَ: هي مكة المكرمة
{أَهْلَكْنَاهُمْ}: أهلكهم الله جزاء كفرهم
{فَلا نَاصِرَ لَهُمْ (13)}: ينقذهم من عذاب الله
{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ}: بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ: برهان وحجة وبيان من أمر ربه وهو القرآن الكريم
{كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ}: كمن حسن له عمله من الشرك بالله وسائر المعاصي
{وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)}: إتبعوا ما دعتهم إليه أنفسهم من معصية الله
{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}: وصف نعيم الجنة
{فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ}: غَيْرِ آَسِنٍ: غير متغير الطعم والرائحة
{وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ}: لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ: أي لم يحمض لطول المقام
{وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ}: ليست كخمر الدنيا أي لا تؤذي الإنسان وتضره
{وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}: أي لم يخالطه الشمع وفضلات النحل وغيرها من الشوائب
{وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ
أَمْعَاءَهُمْ (15)}: حَمِيمًا: الشديد الحرارة، والمقصود: فهل من يقيم في هذا النعيم يشابه من هو خالد في النار وإضافة إلى ذلك شربهم للماء الشديد الحرارة فيقطع أمعائهم.
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ}: من المنافقون من يستمعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم كالمسلمين
{حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ}: ولكن ما أن يخرجوا من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم
{قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا}: أي ماذا قال النبي هذه الساعة، يقولون ذلك على سبيل الاستهزاء
{أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}: طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ: ختم الله على قلوبهم وأغلقها فلا تعي خيراً لعدم توجههم نحو الخير أصلاً
{وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16)}: أي اتبعوا ما دعتهم إليه أهواؤهم من الباطل
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا}: هم المؤمنون
{زَادَهُمْ هُدًى}: زادهم الله إيماناً على إيمانهم
{وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)}: أي أعانهم على تقواهم
{فَهَلْ يَنْظُرُونَ}: فهل ينتظرون
{إِلاَّ السَّاعَةَ}: الساعة في اللغة جزء من الليل أو النهار، وأطلقت الساعة معرفة بالألف واللام في القرآن الكريم على يوم القيامة
{أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً}: أن تأتيهم فجأة تباغتهم
{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}: أَشْرَاطُهَا: جمع شرط بمعنى العلامة، أي جاءت علامات تدل على قربها
{فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18)}: أي من أين لهم أن يتذكروا ويتوبوا إذا جاءت القيامة
{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ}: مُتَقَلَّبَكُمْ: تصرفكم في حياتكم
{وَمَثْوَاكُمْ (19)}: إلى مضاجعكم بالليل، أو مصيركم في الآخرة إلى الجنّة أو النّار
{وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ}: سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ: سورة ذكر فيها الجهاد بنص صريح غير قابل للتأويل
{رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}: هم المنافقون
{يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ}: أي إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
{نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ}: تشخص أبصارهم جبناً وهلعاً كمن أصابته سكرة الموت
{فَأَوْلَى لَهُمْ (20)}: فويلٌ لهم لما أساءوا
{طَاعَةٌ}: لله تعالى
{وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ}: قول مستحسن
{فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ}: جد الأمر ولزمهم الجهاد
{فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ}: في الإيمان
{لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)}: في الدنيا والآخرة
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ}: فهل يتوقع منكم
{إِنْ تَوَلَّيْتُمْ}: أي توليتم الحكم وصرتم حكاماً، أو أعرضتم عن دين الله
{أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)}: وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ: تقطعوا صلة القرابة والرحم
{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ}: لَعَنَهُمُ اللَّهُ: أي طردهم عن رحمته
{فَأَصَمَّهُمْ}: أي أصابهم بالصمم عن سماع الحق ومواعظ الله
{وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)}: عن رؤية الخير فلا يتبينون حجج الله
{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ}: يقرأون القرآن قراءة تفهم وتفكر
{أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)}: أم يتلقون القرآن بقلوب مقفلة بالكفر والعناد
{إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ}: ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ: رجعوا إلى الكفر
{مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى}: من بعد ما ظهر لهم الحق بالدلائل الظاهرة
{الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ}: سَوَّلَ لَهُمْ: زين لهم القبيح حتى رأوه حسناً
{وَأَمْلَى لَهُمْ (25)}: غرهم وخدعهم ومد لهم في الأماني والآمال الكاذبة
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ}: لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ: هم اليهود الكارهين لنزول القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حسداً من عند أنفسهم
{سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ}: أي سنطيعكم في بعض أموركم وأحوالكم، وليس في كل الأمور
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26)}: أي يعلم كل ما يسرونه ويخفونه عن المسلمين
{فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ}: أي فكيف يكون حال هؤلاء المنافقين عندما يتوفاهم ملك الموت وأعوانه
{يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27)}: الملائكة عنئذ تضرب وجوههم وأقفيتهم إذلالاً لهم
{ذَلِكَ}: أي ذلك الهوان والذل الذي سيلاقونه
{بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ}: هو بسبب كفرهم ومعاصيهم التي تغضب الله
{وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ}: كرهوا ما يرضاه الله لهم من الإيمان والطاعة
{فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)}: فأبطل أعمالهم وحرمهم من ثوابها
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29)}: الضغن: الحقد الشديد
{وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ}: أي لو شاء الله لعرّفك بهم يا محمد وأعلمك بحالهم
{فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ}: سِيمَاهُمْ: علاماتهم التي يتميزون بها
{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}: أي نبرات أصواتهم
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)}: لا يخفى عليه شيئاً منها
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ}: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ: لنختبركم بالتكاليف الشاقة
{وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)}: نختبر أعمالكم فنعلم حسنها من قبحها
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}: أما الذين كفروا بوجود الله أو أنكروا وحدانيته ونبوة رسوله صلى الله عليه وسلم
{وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: أي منعوا الناس عن دين الله
{وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى}: شَاقُّوا: خالفوا وعادوا
{لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا}: لن يضروا دين الله ولا منهجه، ولا القائمين على دعوته
{وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32)}: أي سيبطل كل مكايدهم ومؤامراتهم ضد الإسلام
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)}:لا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ : أي لا تبطلوا الأعمال الصالحة بالأعمال السيئة
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) فَلا تَهِنُوا}: فَلا تَهِنُوا: فلا تضعفوا
{وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ}: وتدعوا إلى السلام والصلح
{وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ}: الفائزون الغالبون
{وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)}: لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ: لن ينقصكم شيئاً من ثواب أعمالكم
{إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36)}: لا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ: أي لا يطلب منكم إخراج أموالكم كلها في سبيل الله
{إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا}: أي إن يسألكم ربكم إنفاق أموالكم كلها
{فَيُحْفِكُمْ}: فيجهدكم بطلب الكل
{تَبْخَلُوا}: بالمال فلا تنفقوه في سبيل الله
{وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37)}: أي يظهر أحقادكم لهذا الدين
{هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُواأَمْثَالَكُمْ (38)}:لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ : في البخل بل يستجيبون إلى ما أمرهم الله به من النفقة في سبيل الله، الذي هو سبيل الحق والخير
اتمنى ان تكثروا في الردود بشرط ان تقرأوا وتستفيدو من المعاني ♥ ♥.
تذكير :- ان الله يراكم
الى اللقاء وليس وداعاً لان الوداع اي لن اراكم الى اللقاء اي سأراكم قريباً